مناسبته أنه نوع من الباب الذي قبله، فإذا كان لا أحد يستطيع أن ينفع أحدا بالشفاعة والخلاص من العذاب، كذلك لا يستطيع أحد أن يهدي أحدا; فيقوم بما أمر الله به. قوله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان يحب هداية عمه أبي طالب أو من هو أعم فأنت يا محمد المخاطب بكاف الخطاب، وله المنزلة الرفيعة عند الله لا تستطيع أن تهدي من أحببت هدايته، ومعلوم أنه إذا أحب هدايته; فسوف يحرص عليه، ومع ذلك لا يتمكن من هذا الأمر، لأن الأمر كله بيد الله، قال تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} ٢، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ} ٣ ; فأتى ب "أل" الدالة على الاستغراق; لأن "أل" في قوله: "الأمر" للاستغراق; فهي نائبة مناب كل; أي: وإليه يرجع كل الأمر، ثم جاءت مؤكدة بكل، وذلك توكيدان. والهداية التي نفاها الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم هداية التوفيق، والتي أثبتها له هداية الدلالة والإرشاد ولهذا أتت مطلقة لبيان أن الذي بيده هو هداية الدلالة فقط، لا أن يجعله مهتديا، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ