للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...................................................................................

قوله: {الجن} هم عالم غيبي مخفي عنا، ولهذا جاءت المادة من الجيم والنون، وهما يدلان على الخفاء والاستتار ومنه: الجَنة، والجِنة، والجُنَّة.

قوله: {الإنس} سموا بذلك، لأنهم لا يعيشون بدون إيناس، فهم يأنس بعضهم ببعض، ويتحرك بعضهم إلى بعض.

قوله: {إلا ليعبدون} فسر: إلا ليوحدون، وهذا حق، وفسر: بمعنى يتذللون لي بالطاعة فعلا للمأمور، وتركا للمحظور، ومن طاعته أن يوحد سبحانه وتعالى، فهذه هي الحكمة من خلق الجن والإنس.

ولهذا أعطى الله البشر عقولا، وأرسل إليهم رسلا، وأنزل عليهم كتبا، ولو كان الغرض من خلقهم كالغرض من خلق البهائم، لضاعت الحكمة من إرسال الرسل، وإنزال الكتب، لأنه في النهاية يكون كشجرة نبتت، ونمت، وتحطمت.

ولهذا قال تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: من الآية٨٥] فلا بد أن يردك إلى معاد تجازى على عملك إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وليست الحكمة من خلقهم نفع الله، ولهذا قال تعالى: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذريات:٥٧] .

وأما قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَه} [البقرة: من الآية٢٤٥] فهذا ليس إقراضا لله سبحانه، بل هو غني عنه، لكنه سبحانه شبه معاملة عبده له بالقرض; لأنه لا بد من وفائه، فكأنه التزام من الله سبحانه أن يوفي العامل أجر عمله، كما يوفي المقترض مَنْ أقرضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>