قوله: " يدعو من دون الله ندا ": أي: يتخذ لله ندا سواء دعاه دعاء عبادة أم دعاء مسألة; لأن الدعاء ينقسم إلى قسمين: الأول: دعاء عبادة، مثاله: الصوم، والصلاة، وغير ذلك من العبادات، فإذا صلى الإنسان أو صام; فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له، وأن يجيره من عذابه، وأن يعطيه من نواله، وهذا في أصل الصلاة، كما أنها تتضمن الدعاء بلسان المقال. ويدل لهذا القسم قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} ١ ; فجعل الدعاء عبادة، وهذا القسم كله شرك، فمن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله؛ فقد كفر كفرا مخرجا له عن الملة، فلو ركع لإنسان، أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود; لكان مشركا، ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من الانحناء عند الملاقاة؛ لما سئل عن الرجل يلقى أخاه ينحني له؟ قال: "لا"٢. خلافا لما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك; فيجب على كل مؤمن بالله أن ينكره; لأنه عظمك على حساب دينه. الثاني: دعاء المسألة; فهذا ليس كله شركا، بل فيه تفصيل، فإن كان المخلوق قادرا على ذلك; فليس بشرك; كقولك: اسقني ماء لمن