وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ٣. فخسر نفسه; لأنه لم يستفد منها شيئا، وخسر أهله; لأنهم إن كانوا من المؤمنين فهم في الجنة، فلا يتمتع بهم في الآخرة، وإن كانوا في النار فكذلك; لأنه كلما دخلت أمة لعنت أختها، والشرك خفي جدا; فقد يكون في الإنسان وهو لا يشعر إلا بعد المحاسبة الدقيقة، ولهذا قال بعض السلف٤: " ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص ". فالشرك أمره صعب جدا ليس بالهين، ولكن ييسر الله الإخلاص على العبد، وذلك بأن يجعله الله نصب عينيه، فيقصد بعمله وجه الله، لا يقصد مدح الناس، أو ذمهم، أو ثناءهم عليه; فالناس لا ينفعونه أبدا، حتى لو خرجوا معه لتشييع جنازته؛ لم ينفعه إلا عمله، قال صلى الله عليه وسلم " يتبع الميت ثلاثة: فيرجع اثنان ويبقى واحد، يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله "٥.