للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


٢- داع إلى غيره.
فالداعي إلى الله تعالى هو المخلص الذي يريد أن يوصل الناس إلى الله تعالى. والداعي إلى غيره قد يكون داعيا إلى نفسه، يدعو إلى الحق لأجل أن يعظم بين الناس ويحترم، ولهذا تجده يغضب إذا لم يفعل الناس ما أمر به، ولا يغضب إذا ارتكبوا نهيا أعظم منه، لكن لم يدع إلى تركه. وقد يكون داعيا إلى رئيسه؛ كما يوجد في كثير من الدول من علماء الضلال من علماء الدول، لا علماء الملل، يدعون إلى رؤسائهم. من ذلك لما ظهرت الاشتراكية في البلاد العربية قام بعض علماء الضلالة بالاستدلال عليها بآيات وأحاديث بعيدة الدلالة، بل ليس فيها دلالة; فهؤلاء دعوا إلى غير الله.
ومن دعا إلى الله ثم رأى الناس فارين منه; فلا ييأس، ويترك الدعوة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " انفذ على رسلك; فوالله; لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم "١، يعني: أن اهتداء رجل واحد من قبائل اليهود خير لك من حمر النعم، فإذا دعا إلى الله ولم يجب; فليكن غضبه من أجل أن الحق لم يتبع، لا لأنه لم يجب، فإذا كان يغضب لهذا; فمعناه أنه يدعو إلى الله، فإذا استجاب واحد; كفى، وإذا لم يستجب أحد; فقد أبرأ ذمته أيضا، وفي الحديث: " والنبي وليس معه أحد "٢.
ثم إنه يكفي من الدعوة إلى الحق، والتحذير من الباطل: أن يتبين للناس أن هذا حق وهذا باطل; لأن الناس إذا سكتوا عن بيان الحق، وأقر الباطل مع طول الزمن; ينقلب الحق باطلا، والباطل حقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>