القول الأوّل: فقال بعض العلماء: إنه لا تلزمه الكفارة، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا وفاء لنذر في معصية الله "١ وبقوله صلى الله عليه وسلم " ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه "٢ ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم كفارة، ولو كانت واجبة، لذكرها. القول الثاني: تجب الكفارة، وهو المشهور من المذهب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر في حديث آخر غير الحديثين أن كفارته كفارة يمين٣ وكون الأمر لا يذكر في حديث لا يقتضي عدمه، فعدم الذكر ليس ذكرا للعدم، نعم، لو قال الرسول: لا كفارة، صار في الحديثين تعارض، وحينئذ نطلب الترجيح، لكن الرسول لم ينف الكفارة، بل سكت، والسكوت لا ينافي المنطوق، فالسكوت وعدم الذكر يكون اعتمادا على ما تقدم، فإن كان الرسول قاله قبل أن ينهى هذا الرجل، فاعتمادا عليه لم يقل؛ لأنه ليس بلازم أن كل مسألة فيها قيد أو تخصيص يذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم عند كل عموم، فلو كان يلزم هذا، لكانت تطول السنة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ذكر حديثا عاما وله ما يخصصه في مكان آخر حمل عليه، وإن لم يذكره حين تكلم بالعموم. وأيضا من حيث القياس لو أن الإنسان أقسم ليفعلن محرما، وقال: والله، لأفعلن هذا الشيء وهو محرم، فلا يفعله، ويكفر كفارة يمين، مع أنه أقسم على فعل محرم، والنذر شبيه بالقسم، وعلى هذا، فكفارته كفارة يمين، وهذا القول أصح.