للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................

ينفعون ولا يضرون، فالاستعاذة بهم شرك أكبر، سواء كان عند قبورهم أم بعيدا عنهم.

أما الاستعاذة بمخلوق فيما يقدر عليه، فهي جائزة، وقد أشار إلى ذلك الشارح الشيخ سليمان في "تيسير العزيز الحميد"، وهو مقتضى الأحاديث الواردة في "صحيح مسلم" لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفتن، قال: " فمن وجد من ذلك ملجأ، فليعذ به "١.

وكذلك قصة المرأة التي عاذت بأم سلمة٢ والغلام الذي عاذ بالنبي صلى الله عليه وسلم٣ وكذلك في قصة الذين يستعيذون بالحرم والكعبة٤ وما أشبه ذلك.

وهذا هو مقتضى النظر، فإذا اعترضني قطاع طريق، فعذت بإنسان يستطيع أن يخلصني منهم، فلا شيء فيه. لكن تعليق القلب بالمخلوق لا شك أنه من الشرك، فإذا علقت قلبك ورجاءك وخوفك وجميع أمورك بشخص معين، وجعلته ملجأ فهذا شرك، لأن هذا لا يكون إلا لله.

وعلى هذا، فكلام الشيخ رحمه الله في قوله: "إن الأئمة لا يجوزون الاستعاذة بمخلوق" مقيد بما لا يقدر عليه إلا الله، ولولا أن النصوص وردت بالتفصيل لأخذنا الكلام على إطلاقه، وقلنا: لا يجوز الاستعاذة بغير الله مطلقا.


١ من حديث أبي هريرة, رواه: البخاري (كتاب المناقب, باب علامات النبوة, ٢/٥٢٠) , ومسلم (كتاب الفتن, باب نزول الفتن, ٤/٢٢١٢) .
٢ من حديث جابر, رواه: مسلم (كتاب الحدود, باب حد السرقة, ٣/١٦٨٩) .
٣ رواه مسلم في بعض ألفاظه (٣/١٢٨١) .
٤ من حديث أم سلمة, رواه: مسلم (كتاب الفتن, باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت, ٤/٢٢٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>