للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................


بها: أن الله خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فيقولون: اشفع لنا عند ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! فيعتذر؛ لأنه عصى الله بأكله من الشجرة، ومعلوم أن الشافع إذا كان عنده شيء يخدش كرامته عند المشفوع إليه; فإنه لا يشفع لخجله من ذلك، مع أن آدم عليه السلام قد تاب الله عليه واجتباه وهداه، قال تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} ١، لكن لقوة حيائه من الله اعتذر. ثم يذهبون إلى نوح، ويذكرون من أوصافه التي امتاز بها بأنه أول رسول أرسله الله إلى الأرض، فيعتذر بأنه سأل الله ما ليس له به علم حين قال: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} ٢.
ثم يذهبون إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فيذكرون من صفاته، ثم يعتذر بأنه كذب ثلاث كذبات لكنها حق حسب مراده. ثم يذهبون إلى موسى صلى الله عليه وسلم فيذكرون من أوصافه ما يقتضي أن يشفع، لكنه يعتذر بقتل نفس لم يؤمر بقتلها، وهي نفس القبطي حين استغاثة الإسرائيلي فوكز موسى القبطي فقتله فقضى عليه. ثم يذهبون إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، فيذكرون من أوصافه ما يقتضي أن يشفع; فلا يعتذر بشيء، لكن يحيل إلى من هو أعلى مقاما، فيقول: اذهبوا إلى محمد، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيحيلهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم دون أن يذكر عذرا يحول بينه وبين الشفاعة٣ فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيشفع إلى الله ليريح أهل الموقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>