واعلم أن شرك المشركين في السابق كان في عبادة الأصنام، أما الآن، فهو في طاعة المخلوق في المعصية فإن هؤلاء يقدسون زعماءهم أكثر من تقديس الله إن أقروا به، فيقال لهم: إنهم بشر مثلكم، خرجوا من مخرج البول والحيض، وليس لهم شرك في السماوات ولا في الأرض، ولا يملكون الشفاعة لكم عند الله، إذن; فكيف تتعلقون بهم؟ ! حتى إن الواحد منهم يركع لرئيسه أو يسجد له كما يسجد لرب العالمين والواجب علينا نحو ولاة الأمور طاعتهم، وطاعتهم من طاعة الله، وليست استقلالا، أما عبادتهم كعبادة الله; فهذه جاهلية وكفر. فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة، كما نفاها القرآن; فالله - سبحانه وتعالى - نفى أن تنفعهم أصنامهم، بل قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} ٤، حتى الأصنام لا تنفع نفسها ولا يشفع لها; فكيف تكون شافعة؟ ! بل هي في النار وعابدوها.