للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................


والجافي عنه، وكون الإنسان معتدلا لا يميل إلى هذا ولا إلى هذا، هذا هو الواجب; فلا يجوز التشدد في الدين والمبالغة، ولا التهاون وعدم المبالاة، بل كن وسطا بين هذا وهذا.
والغلو له أقسام كثيرة; منها: الغلو في العقيدة ومنها: الغلو في العبادة، ومنها، الغلو في المعاملة، ومنها: الغلو في العادات والأمثلة عليها كما يلي:
أما الغلو في العقيدة; فمثل ما تشدق فيه أهل الكلام بالنسبة لإثبات الصفات، فإن أهل الكلام تشدقوا وتعمقوا حتى وصلوا إلى الهلاك قطعا، حتى أدى بهم هذا التعمق إلى واحد من أمرين: إما التمثيل، أو التعطيل إما أنهم مثلوا الله بخلقه، فقالوا: هذا معنى إثبات الصفات، فغلوا في الإثبات حتى أثبتوا ما نفى الله عن نفسه، أو عطلوه وقالوا: هذا معنى تنزيهه عن مشابهة المخلوقات، وزعموا أن إثبات الصفات تشبيه; فنفوا ما أثبته الله لنفسه.
لكن الأمة الوسط اقتصدت في ذلك; فلم تتعمق في الإثبات ولا في النفي والتنزيه; فأخذوا بظواهر اللفظ، وقالوا: ليس لنا أن نزيد على ذلك; فلم يهلكوا، بل كانوا على الصراط المستقيم، ولما دخل هؤلاء الفرس والروم وغيرهم في الدين; صاروا يتعمقون في هذه الأمور ويجادلون مجادلات ومناظرات لا تنتهي أبدا; حتى ضاعوا، نسأل الله السلامة وكل الإيرادات التي أوردها المتأخرون من هذه الأمة على النصوص، لم يوردها الصحابة الذين هم الأمة الوسط.
أما الغلو في العبادات; فهو التشدد فيها، بحيث يرى أن الإخلال بشيء منها كفر وخروج عن الإسلام، كغلو الخوارج والمعتزلة، حيث قالوا إن من فعل كبيرة من الكبائر; فهو خارج عن الإسلام وحل دمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>