للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................


قوله: "ما عنتم": "ما": مصدرية، وليست موصولة; أي: عنتكم; أي: مشقتكم; لأن العنت بمعنى المشقة، قال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} ١ أي: المشقة.
والفعل بعد "ما" يؤول إلى مصدر مرفوع، لكن بماذا هو مرفوع؟ يختلف باختلاف "عزيز" إذا قلنا: بأن "عزيز" صفة لرسول; صار المصدر المؤول فاعلا به; أي: عزيز عليه عنتكم، وإن قلنا: عزيز خبر مقدم; صار عنتكم مبتدأ، والجملة حينئذ تكون كلها صفة لرسول، أو يقال: عزيز مبتدأ، وعنتكم فاعل سد مسد الخبر على رأي الكوفيين الذي أشار إليه ابن مالك في قوله:
.....................وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد.
قوله: "حريص عليكم": الحرص: بذل الجهد لإدراك أمر مقصود، والمعنى: باذل غاية جهده في مصلحتكم; فهو جامع بين أمرين: دفع المكروه الذي أفاده قوله: {} وحصول المحبوب الذي أفاده قوله: "حريص عليكم" ; فكان النبي صلى الله عليه وسلم جامعا بين هذين الوصفين، وهذا من نعمة الله علينا وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون على هذا الخلق العظيم الممثل بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ٢.
قوله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} " بالمؤمنين": جار ومجرور خبر مقدم، و "رءوف": مبتدأ مؤخر، و "رحيم": مبتدأ ثان، وتقديم الخبر يفيد الحصر. والرأفة: أشد الرحمة وأرقها. والرحمة: رقة بالقلب تتضمن الحنو على المرحوم والعطف عليه بجلب الخير له ودفع الضرر عنه.
وقولنا: رقة في القلب هذا باعتبار المخلوق، أما بالنسبة لله تعالى; فلا نفسرها بهذا التفسير; لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، ورحمة الله

<<  <  ج: ص:  >  >>