للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................


٧- أن العقوبات من جنس العمل، لأن هؤلاء الذين مسخوا قردة، والقرد أشبه ما يكون شبها بالإنسان، فعلوا فعلا ظاهره الإباحة والحل وهو محرم، وذلك أنه حرم عليهم الصيد يوم السبت ابتلاء من الله، فإذا جاء يوم السبت امتلأ البحر بالحيتان، وظهرت على سطح الماء، وفي غيره من الأيام تختفي ولا يأتي منها شيء، فلما طال عليهم الأمد صنعوا شباكا; فصاروا ينصبونها في يوم الجمعة ويدعون الحيتان تدخل فيها يوم السبت، فإذا أتى يوم الأحد أخذوها، وهذه حيلة ظاهرها الحل، ولكن حقيقتها ومعناها الوقوع في الإثم تماما، ولهذا مسخوا إلى حيوان يشبه الإنسان وليس بإنسان، وهو القرد، قال تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} ١، وهو يفيد أن الجزاء من جنس العمل، ويدل عليه صراحة قوله تعالى: {فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} ٢.
٨- أن هؤلاء اليهود صاروا يعبدون الطاغوت; لقوله: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} ٣ ولا شك أنهم حتى الآن يعبدونه; لأنهم عبدوا الشيطان وأطاعوه وعصوا الله ورسوله. وفي الآية نكتة نحوية في قوله: "عليه" و "منهم" في قوله تعالى: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} ٤ فالضمير في "لعنه" الهاء، و "وغضب عليه" مفرد، و "منهم" جمع، مع أن المرجع واحد، وهو: "من". والجواب: أنه روعي في الإفراد اللفظ، وفي الجمع المعنى، وذلك أن "من" اسم موصول صالحة للمفرد وغيره، قال ابن مالك:
......................... ومن وما وأل تساوي ما ذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>