للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................


"سنن" ; بضم السين: جمع سنة، وهي الطريقة. وأما "سنن"، بالفتح: فهي مفرد بمعنى الطريق. وفعل تأتي مفردة مثل: فن جمعها أفنان، وسبب جمعها أسباب.
وقوله: "من كان قبلكم": أي: من الأمم.
قوله: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" ليس على ظاهره، بل هو عام مخصوص; لأننا لو أخذنا بظاهره كانت جميع هذه الأمة تتبع سنن من كان قبلها، لكننا نقول: إنه عام مخصوص; لأن في هذه الأمة من لا يتبع تلك السنن كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق، وقد يقال: إن الحديث على عمومه وأنه لا يلزم أن تتبع هذه الأمة الأمم السابقة في جميع سننها، بل بعض الأمة يتبعها في شيء وبعض الأمة يتبعها في شيء آخر، وحينئذ لا يقتضي خروج هذه الأمة من الإسلام، وهذا أولى لبقاء الحديث على عمومه، ومن المعلوم أن من طرق من كان قبلنا ما لا يخرج من الملة، مثل: أكل الربا، والحسد، والبغي، والكذب. ومنه ما يخرج من الملة: كعبادة الأوثان.
السنن: هي الطرائق، وهي متنوعة، منها ما هو اعتداء على حق الخالق، ومنها ما هو اعتداء على حق المخلوق، ولنستعرض شيئا من هذه السنن: فمن هذه السنن: عبادة القبور والصالحين; فإنها موجودة في الأمم السابقة وقد وجدت في هذه الأمة، قال تعالى عن قوم نوح: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} ١. ومن ذلك: الغلو في الصالحين كما وجد في الأمم السابقة وجد في هذه الأمة. ومنها: دعاء غير الله، وقد وجد في هذه الأمة.
ومنها: بناء المساجد على القبور موجود في السابقين، وقد وجد في هذه الأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>