ويقال في أكل مال اليتيم ما قيل في أكل الربا; فليس خاصا بالأكل، بل حتى لو استعمله في السكن أو الفرش أو الكتب أو غيرها; فهو داخل في ذلك. وأكل مال غير اليتيم ليس من الكبائر; لأن اليتيم له شأن خاص، ولهذا توعد الله من يأكل أموال اليتامي، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} ٢. قوله: " والتولي يوم الزحف " التولي: بمعنى الإدبار والإعراض، ويوم الزحف; أي: يوم تلاحم الصفين في القتال مع الكفار، وسمي يوم الزحف; لأن الجموع إذا تقابلت تجد أن بعضها يزحف إلى بعض، كالذي يمشي زحفا كل واحد منهم يهاب الآخر، فيمشي رويدا رويدا. والتولي يوم الزحف من كبائر الذنوب; لأنه يتضمن الإعراض عن الجهاد في سبيل الله، وكسر قلوب المسلمين، وتقوية أعداء الله، وهذا يؤدي إلى هزيمة المسلمين. لكن هذا الحديث خصصته الآية، وهي قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} ٣. فالله سبحانه استثنى حالين: الأولى: أن يكون متحرفا لقتال; أي: متهيئا له، كمن ينصرف ليصلح من شأنه أو يهيئ الأسلحة ويعدها، ومنه الانحراف إلى مكان آخر يأتي العدو من جهته، فهذا لا يعد متوليا، إنما يعد متهيئا.