والمؤمنات احترازا من الكافرات، فمن قذف امرأة هذه صفاتها; فإن ذلك من الموبقات، ومع ذلك يقام عليه الحد - ثمانون جلدة -، ولا تقبل شهادته ويكون فاسقا; فجعل الله عليه ثلاثة أمور، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ١ ثم قال: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} ٢. وهذا الاستثناء لا يشمل أول الجمل بالاتفاق، ويشمل آخر الجمل بالاتفاق، واختلف العلماء في الجملة الثانية، وهي قوله: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} ٣ فقيل: إنه يعود إليها، وقيل: لا يعود. وبناء على ذلك إذا تاب القاذف: هل تقبل شهادته أم لا. الجواب: اختلف في ذلك أهل العلم: فمنهم من قال: لا تقبل شهادته أبدا ولو تاب، وأيدوا قولهم بأن الله أبد ذلك بقوله: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} ٤ وفائدة هذا التأبيد أن الحكم لا يرتفع عنهم مطلقا. وقال آخرون: بل تقبل; لأن مبنى قبول الشهادة وردها على الفسق، فإذا زال وهو المانع من قبول الشهادة; زال ما يترتب عليه. وينبغي في مثل هذا أن يقال: إنه يرجع إلى نظر الحاكم، فإذا رأى من المصلحة عدم قبول الشهادة لردع الناس عن التهاون بأعراض