وقوله: " إن من البيان لسحرا "١ هل هذا على سبيل الذم، أو على سبيل المدح، أو لبيان الواقع ثم ينظر إلى أثره؟ الجواب: الأخير هو المراد; فالبيان من حيث هو بيان لا يمدح عليه ولا يذم، ولكن ينظر إلى أثره، والمقصود منه، فإن كان المقصود منه رد الحق وإثبات الباطل; فهو مذموم; لأنه استعمال لنعمة الله في معصيته، وإن كان المقصود منه إثبات الحق وإبطال الباطل; فهو ممدوح، وإذا كان البيان يستعمل في طاعة الله وفي الدعوة إلى الله; فهو خير من العي، لكن إذا ابتلي الإنسان ببيان ليصد الناس عن دين الله; فهذا لا خير فيه، والعي خير منه، والبيان من حيث هو لا شك أنه نعمة، ولهذا امتن الله به على الإنسان; فقال تعالى: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ٢. وجه مناسبة الحديث للباب المؤلف كان حكيما في تعبيره بالترجمة، حيث قال: باب بيان شيء من أنواع السحر، ولم يحكم عليها بشيء; لأن منها ما هو شرك، ومنها ما هو من كبائر الذنوب، ومنها دون ذلك، ومنها ما هو جائز على حسب ما يقصد به وعلى حسب تأثيره وآثاره.