قوله: "ليس منا": تقدم الكلام على هذه الكلمة، وأنها لا تدل على خروج الفاعل من الإسلام، بل على حسب الحال. قوله: "تطير": التطير: هو التشاؤم بالمرئي أو المسموع أو المعلوم أو غير ذلك، وأصله من الطير; لأن العرب كانوا يتشاءمون أو يتفاءلون بها، وقد سبق ذلك١. ومنه ما يحصل لبعض الناس إذا شرع في عمل، ثم حصل له في أوله تعثر تركه وتشاءم; فهذا غير جائز، بل يعتمد على الله ويتوكل عليه، وما دمت أنك تعلم أن في هذا الأمر خيرا; فغامر فيه، ولا تشاءم; لأنك لم توفق فيه لأول مرة; فكم من إنسان لم يوفق في العمل أول مرة، ثم وفق في ثاني مرة أو ثالث مرة؟! ويقال: إن الكسائي - إمام النحو - طلب النحو عدة مرات، ولكنه لم يوفق، فرأى نملة تحمل نواة تمر، فتصعد بها إلى الجدار، فتسقط، حتى كررت ذلك عدة مرات، ثم صعدت بها إلى الجدار وتجاوزته; فقال: سبحان الله! هذه النملة تكابد هذه النواة حتى نجحت، إذن أنا سأكابد علم النحو حتى أنجح. فكابد; فصار إمام أهل الكوفة في النحو. قوله: "أو تطير له": بالبناء للمفعول; أي: أمر من يتطير له، مثل أن يأتي شخص، ويقول: سأسافر إلى المكان الفلاني، وأنت صاحب طير، وأريد أن تزجر طيرك لأنظر: هل هذه الوجهة مباركة أم لا، فمن فعل ذلك; فقد تبرأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله: "من تطير" يشمل من تطير لنفسه، أو تطير لغيره.