أما شهر رمضان، وقولنا: إنه شهر خير; فالمراد بالخير العبادة، ولا شك أنه شهر خير، وقولهم: رجب المعظم; بناء على أنه من الأشهر الحرم. ولهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال: خيرا إن شاء الله; فلا يقال: خير ولا شر، بل هي تنعق كبقية الطيور. فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم تبين وجوب التوكل على الله وصدق العزيمة، ولا يضعف المسلم أمام هذه الأشياء; لأن الإنسان لا يخلو من حالين: إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم أو ما أشبه ذلك; فيكون حينئذ قد علق أفعاله بما لا حقيقة له ولا أصل له، وهو نوع من الشرك. وإما أن لا يستجيب بأن يكون عنده نوع من التوكل ويقدم ولا يبالي، لكن يبقى في نفسه نوع من الهم أو الغم، وهذا وإن كان أهون من الأول، لكن يجب ألا يستجيب لداعي هذه الأشياء التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم مطلقا، وأن يكون معتمدا على الله عزوجل وبعض الناس قد يفتح المصحف لطلب التفاؤل، فإذا نظر ذكر النار تشاءم، وإذا نظر ذكر الجنة قال: هذا فأل طيب; فهذا مثل عمل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام. فالحاصل أننا نقول: لا تجعل على بالك مثل هذه الأمور إطلاقا; فالأسباب المعلومة الظاهرة تقي أسباب الشر، وأما الأسباب الموهومة التي