قوله: "قاطع الرحم": الرحم: هم القرابة، قال تعالى: {وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} ، [لأنفال: من الآية٧٥] ، وليس كما يظنه العامة أنهم أقارب الزوجين; لأن هذه تسمية غير شرعية، والشرعية في أقارب الزوجين: أن يسموا أصهارا. ومعنى قاطع الرحم أن لا يصله، والصلة جاءت مطلقة في الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} ، [الرعد: من الآية٢١] ، ومنه الأرحام وما جاء مطلقا غير مقيد; فإنه يتبع فيه العرف كما قيل: وكل ما أتى ولم يحدد ... بالشرع كالحرز فبالعرف احدد١ فالصلة في زمن الجوع والفقر: أن يعطيهم ويلاحظهم بالكسوة والطعام دائما، وفي زمن الغنى لا يلزم ذلك. وكذلك الأقارب ينقسمون إلى قريب وبعيد; فأقربهم يجب له من الصلة أكثر مما يجب للأبعد. ثم الأقارب ينقسمون إلى قسمين من جهة أخرى: قسم من الأقارب يرى أن لنفسه حقا لا بد من القيام به، ويريد أن تصله دائما، وقسم آخر يقدر الظروف وينزل الأشياء منازلها; فهذا له حكم، وذلك له حكم. والقطيعة يرجع فيها إلى العرف; إلا أنه يستثنى من ذلك مسألة، وهي: ما لو كان العرف عدم الصلة مطلقا، بأن كنا في أمة تشتتت