الثاني: الخوف الطبيعي والجبلي; فهذا في الأصل مباح; لقوله تعالى عن موسى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} ، [القصص: من الآية٢١] ، وقوله عنه أيضا: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} ، [القصص:٣٣] ، لكن إن حمل على ترك واجب أو فعل محرم; فهو محرم، وإن استلزم شيئا مباحا كان مباحا، فمثلا من خاف من شيء لا يؤثر عليه وحمله هذا الخوف على ترك صلاة الجماعة مع وجوبها; فهذا الخوف محرم، والواجب عليه أن لا يتأثر به. وإن هدده إنسان على فعل محرم، فخافه وهو لا يستطيع أن ينفذ ما هدده به; فهذا خوف محرم لأنه يؤدي إلى فعل محرم بلا عذر، وإن رأى نارا ثم هرب منها ونجا بنفسه; فهذا خوف مباح، وقد يكون واجبا إذا كان يتوصل به إلى إنقاذ نفسه. وهناك ما يسمى بالوهم وليس بخوف، مثل أن يرى ظل شجرة تهتز، فيظن أن هذا عدو يتهدده; فهذا لا ينبغي للمؤمن أن يكون كذلك، بل يطارد هذه الأوهام لأنه لا حقيقة لها، وإذا لم تطاردها; فإنها تهلكك. مناسبة الخوف للتوحيد: أن من أقسام الخوف ما يكون شركا منافيا للتوحيد.