للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


كانوا يدعون أن ما يحصل لهم من الإيذاء بسبب الإيمان، فإذا انتصر المسلمون قالوا: نحن معكم نريد أن يصيبنا مثل ما أصابكم من غنيمة وغيرها.
وقوله: {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} ، [العنكبوت: من الآية١٠] ، قيل في مثل هذا السياق: إن الواو عاطفة على محذوف يقدر بحسب ما يقتضيه السياق.
وقيل: إنها عاطفة على ما سبقها، على تقدير أن الهمزة بعدها، أي: وأليس الله.
قوله: "أعلم" مجرور بالفتحة; لأنه ممنوع من الصرف للوصفية، ووزن الفعل.
فالله أعلم بما في صدور العالمين، أي بما في صدور الجميع; فالله أعلم بما في نفسك منك، وأعلم بما في نفس غيرك; لأن علم الله عام.
وكلمة "أعلم": اسم تفضيل، وقال بعض المفسرين ولاسيما المتأخرون منهم: "أعلم" بمعنى عالم، وذلك فرارا من أن يقع التفضيل بين الخالق والمخلوق، وهذا التفسير الذي ذهبوا إليه كما أنه خلاف اللفظ; ففيه فساد المعنى; لأنك إذا قلت: أعلم بمعنى عالم، فإن كلمة عالم تكون للإنسان وتكون لله، ولا تدل على التفاضل; فالله عالم والإنسان عالم.
وأما تحريف اللفظ; فهو ظاهر، حيث حرفوا اسم التفضيل الدال على ثبوت المعنى وزيادة إلى اسم فاعل لا يدل على ذلك.
والصواب أن "أعلم" على بابها، وأنها اسم تفضيل، وإذا كانت اسم تفضيل; فهي دالة دلالة واضحة على عدم تماثل علم الخالق وعلم المخلوق، وأن علم الخالق أكمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>