للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره ((١) .


وشتمه; فهذا من الخطأ لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لكن من قصر بواجب عليه، فيذم لأجل أنه قصر بالواجب لا لأجل أنه لم يعط; فلا يذم من حيث القدر; لأن الله لو قدر ذلك لوجدت الأسباب التي يصل بها إليك هذا العطاء.
وقوله: "ما لم يؤتك": علامة جزمه حذف الياء، والمفعول الثاني محذوف; لأنه فضلة، والتقدير: ما لم يؤتكه.
قوله: (إن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره (، هذا تعليل; لقوله: " أن تحمدهم وأن تذمهم ".
و"رزق الله": عطاؤه، لكن حرص الحريص من سببه بلا شك، فإذا بحث عن الرزق وفعل الأسباب; فإنه يكون فعل الأسباب الموجبة للرزق، لكن ليس المعنى أن هذا السبب موجب مستقل، وإنما الذي يرزق هو الله تعالى، وكم من إنسان يفعل أسبابا كثيرة للرزق ولا يرزق، وكم من إنسان يفعل أسبابا قليلة فيرزق، وكم من إنسان يأتيه الرزق بدون سعي، كما لو وجد ركازا في الأرض أو مات له قريب غني يرثه، أو ما أشبه ذلك.
وقوله: " ولا يرده كراهية كاره ": أي: أن رزق الله إذا قدر للعبد; فلن يمنعه عنه كراهية كاره; فكم من إنسان حسده الناس، وحاولوا منع رزق الله فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>