والنبي (أعظم المتوكلين، ومع ذلك كان يأخذ بالأسباب; فكان يأخذ الزاد في السفر، ولما خرج إلى أحد ظاهر بين درعين; أي: لبس درعين اثنين (١) ولما خرج مهاجرا أخذ من يدله الطريق (٢) ولم يقل سأذهب مهاجرا وأتوكل على الله، ولن أصطحب معي من يدلني الطريق، وكان (يتقي الحر والبرد، ولم ينقص ذلك من توكله. ويذكر عن عمر (أنه قدم ناس من أهل اليمن إلى الحج بلا زاد، فجيء بهم إلى عمر، فسألهم، فقالوا: نحن المتوكلون على الله. فقال: لستم المتوكلين، بل أنتم المتواكلون. والتوكل نصف الدين ولهذا نقول في صلاتنا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] ، فنطلب من الله العون؛ اعتمادا عليه سبحانه، بأنه سيعيننا على عبادته. وقال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه} ، [هود: من الآية١٢٣] ، وقال تعالى: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} ، [هود: من الآية٨٨] ، ولا يمكن تحقيق العبادة إلا بالتوكل; لأن الإنسان لو وكل إلى نفسه وكل إلى ضعف وعجز، ولم يتمكن من القيام بالعبادة; فهو حين يعبد الله يشعر أنه متوكل على الله، فينال بذلك أجر العبادة وأجر التوكل، ولكن الغالب عندنا ضعف التوكل،