للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


كفا فقط; أي: إلزاما للنفس بالترك، أما الصبر على الأقدار; فلأن سببه ليس باختيار العبد، فليس فعلا ولا تركا، وإنما هو من قدر الله المحض.
وخَصَّ المؤلف رحمه الله في هذا الباب الصبر على أقدار الله; لأنه مما يتعلق بتوحيد الربوبية; لأن تدبير الخلق والتقدير عليهم من مقتضيات ربوبية الله تعالى.
قوله: "على أقدار الله": جمع قَدَر، وتطلق على المقدور وعلى فعل المقدر وهو الله تعالى، أما بالنسبة لفعل المقدر; فيجب على الإنسان الرضا به والصبر، وبالنسبة للمقدور; فيجب عليه الصبر ويستحب له الرضا. مثال ذلك: قدر الله على سيارة شخص أن تحترق، فكون الله قدر أن تحترق هذا قدر يجب على الإنسان أن يرضى به; لأنه من تمام الرضا بالله ربا.
وأما بالنسبة للمقدور الذي هو احتراق السيارة; فالصبر عليه واجب، والرضا به مستحب وليس بواجب على القول الراجح.
والمقدور قد يكون طاعات، وقد يكون معاصي، وقد يكون من أفعال الله المحضة; فالطاعات يجب الرضا بها، والمعاصي لا يجوز الرضا بها من حيث هي مقدور، أما من حيث كونها قدر الله; فيجب الرضا بتقدير الله بكل حال، ولهذا قال ابن القيم:
فلذاك نرضى بالقضاء ونسخط ااـ ... مقضي حين يكون بالعصيان
فمن نظر بعين القضاء والقدر إلى رجل يعمل معصية; فعليه الرضا لأن الله هو الذي قدر هذا، وله الحكمة في تقديره، وإذا نظر إلى فعله; فلا يجوز له أن يرضى به لأنه معصية، وهذا هو الفرق بين القدر والمقدور.

<<  <  ج: ص:  >  >>