للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


هذا من باب امتحان الإنسان على الصبر، ورفع درجاته باحتساب الأجر، لكن لا يجوز للإنسان إذا أصيب بمصيبة، وهو يري أنه لم يخطئ أن يقول: أنا لم أخطئ; فهذه تزكية، فلو فرضنا أن أحدا لم يصب ذنبا وأصيب بمصيبة; فإن هذه المصيبة لا تلاقي ذنبا تكفره لكنها تلاقي قلبا تمحصه; فيبتلي الله الإنسان بالمصائب لينظر هل يصبر أو لا؟ ولهذا كان أخشى الناس لله (وأتقاهم محمد (يوعك كما يوعك رجلان منا (١) وذلك لينال أعلى درجات الصبر فينال مرتبة الصابرين على أعلى وجوهها، ولذلك شدد عليه (عند النزع، ومع هذه الشدة كان ثابت القلب، ودخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وهو يستاك، فأمده بصره (يعني: ينظر إليه) ، فعرفت عائشة رضي الله عنها أنه يريد السواك، فقالت: آخذه لك؟ فأشار برأسه نعم. فأخذت السواك وقضمته وألانته للرسول (فأعطته إياه، فاستن به، قالت عائشة: ما رأيته استن استنانا أحسن منه، ثم رفع يده وقال: (في الرفيق الأعلى ((٢) .
فانظر إلى هذا الثبات واليقين والصبر العظيم مع هذه الشدة العظيمة، كل هذا لأجل أن يصل الرسول (أعلى درجات الصابرين، صبر لله، وصبر بالله، وصبر في الله حتى نال أعلى الدرجات.
فمن أصيب بمصيبة، فحدثته نفسه أن مصائبه أعظم من معائبه; فإنه يدل على ربه بعمله ويمن عليه به; فليحذر هذا.
ومن ذلك يتضح لنا أمران:
١- أن إصابة الإنسان بالمصائب تعتبر تكفيرا لسيئاته وتعجيلا

<<  <  ج: ص:  >  >>