للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} ، [هود: من الآية١٥] ، الآية.


الناس; فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية، وعندما نتكلم عند من لا يقتنع إلا بشيء مادي; فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية، ولكل مقام مقال. قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ، أي: البقاء في الدنيا.
قوله: {وَزِينَتَهَا} : أي: المال، والبنين، والنساء، والحرث، والأنعام، والخيل المسومة; كما قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، [آل عمران: من الآية١٤] .
قوله: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} فعل مضارع معتل الآخر مجزوم بحذف حرف العلة- الياء-; لأنه جواب الشرط.
والمعنى: أنهم يعطون ما يريدون في الدنيا ومن ذلك الكفار لا يسعون إلا للدنيا وزينتها، فعجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا; كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} ، [الأحقاف: من الآية٢٠] .
ولهذا (لما بكى عمر حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد أثر في جنبه الفراش، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما يبكيك؟ ". قال: يا رسول الله كسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من نعيم وأنت على هذه الحال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم (١، وفي الحقيقة هي ضرر عليهم; لأنهم إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>