فإن قيل: أليس قد ثبت أن من الناس من سب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقَبِل منه وأطلقه؟ أجيب: بلى، هذا صحيح، لكن هذا في حياته صلى الله عليه وسلم، وقد أسقط حقه، أما بعد موته; فلا ندري، فننفذ ما نراه واجبا في حق من سبه صلى الله عليه وسلم. فإن قيل: احتمال كونه يعفو عنه أو لا يعفو موجبا للتوقف؟ أجيب: إنه لا يوجب التوقف; لأن المفسدة حصلت بالسب، وارتفاع أثر هذا السب غير معلوم، والأصل بقاؤه. فإن قيل: أليس الغالب أن الرسول صلى الله عليه وسلم عفا عمَّن سبه؟ أجيب: بلى، وربما كان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا عفا؛ قد تحصل المصلحة ويكون في ذلك تأليف، كما أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أعيان المنافقين ولم يقتلهم; لئلا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، لكن الآن لو علمنا أحدا بعينه من المنافقين لقتلناه، قال ابن القيم: إن عدم قتل المنافق المعلوم إنما هو في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط. قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} [التوبة: من الآية٦٥] الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: سألت هؤلاء الذين يخوضون ويلعبون بالاستهزاء بالله وكتابه ورسوله والصحابة.