للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ١.


وقد ذكر المؤلف في هذا الباب آيتين، ومناسبتهما للباب الإشارة إلى تحقيق التوحيد، وأنه لا يكون إلا بانتفاء الشرك كله.
·الآية الأولى: قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} الآية.
قول: (أمة) : أي: إماما، وقد سبق أن أمة تأتي في القرآن على أربعة أوجه: إمام، ودهر، وجماعة، ودين.
وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} هذا ثناء من الله- سبحانه وتعالى - على إبراهيم بأنه إمام متبوع، لأنه أحد الرسل الكرام من أولي العزم، ثم إنه صلى الله عليه وسلم قدوة في أعماله وأفعاله وجهاده، فإنه جاهد قومه وحصل منهم عليه ما حصل، وألقي في النار فصبر. ثم ابتلاه الله- سبحانه وتعالى- بالأمر بذبح ابنه، وهو وحيده، وقد بلغ معه السعي (أي: شب وترعرع) ، فليس كبيرا قد طابت النفس منه، ولا صغيرا لم تتعلق به النفس كثيرا، فصار على منتهى تعلق النفس به، ثم وفق إلى ابن بار مطيع لله، قال الله تعالى عنه: {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} ٢ لم يحنث والده ويتمرد ويهرب، بل أراد من والده أن يوافق أمر ربه، وهذا من بره بأبيه وطاعته لمولاه سبحانه وتعالى، وانظر إلى هذه القوة العظيمة مع الاعتماد على الله في قوله: {ُسَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} ٣.
فالسين في قوله: (ستجدني) تدل على التحقيق، وهو مع ذلك لم يعتمد على نفسه، بل استعان بالله في قوله: إن شاء الله. وامتثلا جميعا

<<  <  ج: ص:  >  >>