للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................

تردد لا يصبر على هذا، لأن النفس لا تدع شيئا إلا لما هو أحب إليها منه، ولا تحب شيئا إلا ما ظنت فائدته، أو تيقنت.

ويجب أن نعلم أن ثناء الله على أحد من خلقه لا يقصد منه أن يصل إلينا الثناء فقط، لكن يقصد منه أمران هامان:

الأول: محبة هذا الذي أثنى الله عليه خيرا، كما أن من أثنى الله عليه شرا، فإننا نبغضه ونكرهه، فنحب إبراهيم عليه السلام، لأنه كان إماما حنيفا قانتا لله ولم يكن من المشركين، ونكره قومه، لأنهم كانوا ضالين، ونحب الملائكة وإن كانوا من غير جنسنا، لأنهم قائمون بأمر الله، ونكره الشياطين، لأنهم عاصون لله وأعداء لنا ولله، ونكره أتباع الشياطين، لأنهم عاصون لله أيضا وأعداء لله ولنا.

الثاني: أن نقتدي به في هذه الصفات التي أثنى الله بها عليه، لأنها محل الثناء، ولنا من الثناء بقدر ما اقتدينا به فيها، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ} ١، وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} ٢ وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} ٣ وهذه مسألة مهمة، لأن الإنسان أحيانا يغيب عن باله الغرض الأول، وهو محبة هذا الذي أثنى الله عليه خيرا، ولكن لا ينبغي أن يغيب، لأن الحب في الله، والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان.

فائدة:

أبو إبراهيم مات على الكفر، والصواب الذي نعتقده أن اسمه آزر، كما قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً} ٤، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلاَّ عَنْ


١ سورة يوسف آية: ١١١.
٢ سورة الممتحنة آية: ٤.
٣ سورة الممتحنة آية: ٦.
٤ سورة الأنعام آية: ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>