قوله: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي: جامعها، وعبارة القرآن والسنة التكنية عن الجماع، قال تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: من الآية٤٣] ، وقال: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: من الآية٢٣] ، وقال تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: من الآية٢١] ، كأن الاستحياء من ذكره بصريح اسمه أمر فطري، ولأن الطباع السليمة تكره أن تذكر هذا الشيء باسمه إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، فإنه قد يصرح به، كما في قوله (لماعز وقد أقرَّ عنده بالزنى: "أنِكْتَها" (١) لا يكني؛ لأن الحاجة هنا داعية للتصريح حتى يتبين الأمر جليا، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات. وتشبيه علو الرجل المرأة بالغشيان أمر ظاهر، كما أن الليل يستر الأرض بظلامه، قال تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل:١] ، وعبر بقوله: "تغشاها" ولم يقل: غشيها; لأن تغشى أبلغ، وفيه شيء من المعالجة، ولهذا جاء في الحديث: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها ((٢) ، الجلوس بين شعبها الأربع هذا غشيان، و "جهدها" هذا تغشي. قوله: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً} الحمل في أوله خفيف: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. قوله: "فَمَرَّتْ بِهِ": المرور بالشيء تجاوزه من غير تعب ولا إعياء، والمعنى: تجاوزت هذا الحمل الخفيف من غير تعب ولا إعياء.