"وليعظم الرغبة"; أي: ليسأل ما شاء من قليل وكثير ولا يقل: هذا كثير لا أسأل الله إياه، ولهذا قال: "فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه"; أي: لا يكون الشيء عظيما عنده حتى يمنعه ويبخل به - سبحانه وتعالى- كل شيء يعطيه، فإنه ليس عظيما عنده; فالله عز وجل يبعث الخلق بكلمة واحدة، وهذا أمر عظيم، لكنه يسير عليه، قال تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ٢ وليس بعظيم; فكل ما يعطيه الله عز وجل لأحد من خلقه فليس بعظيم يتعاظمه; أي: لا يكون الشيء عظيما عنده حتى لا يعطيه، بل كل شيء عنده هين. الثالث: أنه يشعر بأن الطالب مستغن عن الله، كأنه يقول: إن شئت فافعل، وإن شئت فلا تفعل فأنا لا يهمني، ولهذا قال: "وليعظم الرغبة"; أي: يسأل برغبة عظيمة، والتعليق ينافي ذلك; لأن المعلق للشيء المطلوب يشعر تعليقه بأنه مستغن عنه، والإنسان ينبغي أن يدعو الله تعالى وهو يشعر أنه مفتقر إليه غاية الافتقار، وأن الله قادر على أن يعطيه ما سأل، وأن الله ليس يعظم عليه شيء، بل هو هين عليه، إذا من آداب الدعاء أن لا يدعو بهذه الصيغة، بل يجزم فيقول: اللهم! اغفر لي،