فإن قلت: ما الجواب عما ورد في دعاء الاستخارة: " اللهم! إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم; فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم! إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري; فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري; فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به "١ وكذا ما ورد في الحديث المشهور: " اللهم! أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي "٢؟ فالجواب: أنني لم أعلق هذا بالمشيئة، ما قلت: فاقدره لي إن شئت، لكن لا أعلم أن هذا خير لي أو شر، والله يعلم; فأقول: إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي فاقدره لي; فالتعليق فيه لأمر مجهول عندي، لا أعلم هل هو خير لي أو لا؟ وكذا بالنسبة للحديث الآخر; لأن الإنسان لا يعلم هل طول حياته خير أو شر؟ ولهذا كره أهل العلم أن تقول للشخص: أطال الله بقاءك; لأن طول البقاء لا يعلم; فقد يكون خيرا، وقد يكون شرا، ولكن يقال: أطال الله بقاءك على طاعته وما أشبه ذلك حتى يكون الدعاء خيرا بكل حال، وعلى هذا; فلا يكون في حديث الباب معارضة لحديث الاستخارة ولا حديث: " اللهم! أحيني ما كانت