وفي هذا الحديث من الفوائد: ١- حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث إنه إذا نهى عن شيء فتح للناس ما يباح لهم، فقال: " لا يقل: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي "٢ وهذه كما هي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم فهي طريقة القرآن أيضا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} ٣، وهكذا ينبغي أيضا لأهل العلم وأهل الدعوة إذا سدوا على الناس بابا محرما، أن يفتحوا لهم الباب المباح، حتى لا يضيقوا على الناس ويسدوا الطرق أمامهم; لأن في ذلك فائدتين عظيمتين: الأولى: تسهيل ترك المحرم على هؤلاء; لأنهم إذا عرفوا أن هناك بدلا عنه هان عليهم تركه. الثانية: بيان أن الدين الإسلامي فيه سعة، وأن كل ما يحتاج إليه الناس; فإن الدين الإسلامي يسعه، فلا يحكم على الناس أن لا يتكلموا بشيء، أو لا يفعلوا شيئا إلا وفتح لهم ما يغني عنه، وهذا من كمال الشريعة الإسلامية. ٢- أن الأمر يأتي للإباحة; لقوله: " وليقل: سيدي ومولاي "، وقد قال العلماء: إن الأمر إذا أتى في مقابلة شيء ممنوع صار للإباحة، وهنا جاء الأمر في مقابلة شيء ممنوع، ومثله قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ٤.