ذلك، ولهذا كان مما بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا، حتى إن عصا أحدهم ليسقط منه وهو على راحلته; فلا، يقول لأحد: ناولنيه، بل ينزل ويأخذه١. والمعنى يقتضيه; لأنك إذا أعززت نفسك ولم تذلها لسؤال الناس بقيت محترما عند الناس، وصار لك منعة من أن تذل وجهك لأحد; لأن من أذل وجهه لأحد; فإنه ربما يحتاجه ذلك الأحد لأمر يكره أن يعطيه إياه، ولكنه إذا سأله اضطر إلى أن يجيبه، ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ازهد فيما عند الناس يحبك الناس "٢ فالسؤال أصلا مكروه أو محرم إلا لحاجة أو ضرورة. فسؤال المال محرم، فلا يجوز أن يسأل من أحد مالا إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، وقال الفقهاء رحمهم الله في باب الزكاة: "إن من أبيح له أخذ شيء أبيح له سؤاله"، ولكن فيما قالوه نظر; فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من السؤال، وقال: "إن الإنسان لا يزال يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وما في وجهه