للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


يسأل بوجه الله إلا الجنة، والخلق لا يقدرون على إعطاء الجنة، فإذا لا يسألون بوجه الله مطلقا، ويظهر أن المؤلف يرى هذا الرأي في شرح الحديث، ولذلك ذكره بعد: "باب لا يرد من سأل بالله".
القول الثاني: أنك إذا سألت الله، فإن سألت الجنة وما يستلزم دخولها; فلا حرج أن تسأل بوجه الله، وإن سألت شيئا من أمور الدنيا; فلا تسأله بوجه الله; لأن وجه الله أعظم من أن يسأل به لشيء من أمور الدنيا. فأمور الآخرة تسأل بوجه الله; كقولك مثلا: أسألك بوجهك أن تنجيني من النار، والنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ بوجه الله لما نزل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ} ١ قال: أعوذ بوجهك، {مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ٢ قال: أعوذ بوجهك، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} ٣ قال: "هذه أهون أو أيسر"٤٥.
ولو قيل: إنه يشمل المعنيين جميعا، لكان له وجه.
وقوله: "بوجه الله": فيه إثبات الوجه لله عز وجل وهو ثابت بالقرآن والسنة وإجماع السلف، فالقرآن في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} ٦ وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} ٧ والآيات كثيرة. والسنة كما في الحديث السابق: "أعوذ بوجهك".٨
واختلف في هذا الوجه الذي أضافه الله إلى نفسه: هل هو وجه حقيقي، أو أنه وجه يعبر به عن الذات، وليس لله وجه بل له ذات، أو أنه يعبر به عن الشيء الذي يراد به وجهه، وليس هو الوجه الحقيقي، أو أنه يعبر به عن الجهة، أو أنه يعبر به عن الثواب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>