قوله: "القوي": أي: في إيمانه وما يقتضيه إيمانه، ففي إيمانه; يعني: ما يحل في قلبه من اليقين الصادق الذي لا يعتريه شك، وفيما يقتضيه; يعني: العمل الصالح: من الجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والحزم في العبادات وما أشبه ذلك. وهل يدخل في ذلك قوة البدن؟ الجواب: لا يدخل في ذلك قوة البدن إلا إذا كان في قوة بدنه ما يزيد إيمانه، أو يزيد ما يقتضيه; لأن "القوي" وصف عائد على موصوف وهو المؤمن; فالمراد: القوي في إيمانه أو ما يقتضيه، ولا شك أن قوة البدن نعمة، إن استعملت في الخير فخير، وإن استعملت في الشر فشر. قوله: " خير وأحب إلى الله ": خير في تأثيره وآثاره; فهو ينفع ويقتدى به، وأحب إلى الله باعتبار الثواب. قوله: " من المؤمن الضعيف ": وذلك في الإيمان أو فيما يقتضيه، لا في قوة البدن. قوله: "وفي كل خير": أي: في كل من القوي والضعيف خير، وهذا النوع من التذييل يسمى عند البلاغيين بالاحتراس حتى لا يظن أنه لا خير في الضعيف. فإن قيل: إن الخيرية معلومة في قوله: "خير وأحب"; لأن الأصل في اسم التفضيل اتفاق المفضل والمفضل عليه في أصل الوصف؟ فالجواب: أنه قد يخرج عن الأصل; كما في قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً} ١ مع أن أهل النار لا خير في مستقرهم. كذلك الإنسان إذا سمع هذه الجملة: "خير وأحب" صار في