قوله: {إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ١ أي: فإذا كان كذلك; فلا وجه لاحتجاجكم على قضاء الله وقدره، فالله عز وجل يفعل ما يشاء من النصر والخذلان. وقوله: "إن الأمر" واحد الأمور لا واحد الأوامر; أي: الشأن كل الشأن الذي يتعلق بأفعال الله وأفعال المخلوقين كله لله -سبحانه-; فهو الذي يقدر الذل والعز والخير والشر، لكن الشر في مفعولاته لا في فعله. قوله: {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ} ٢ أي: ما لا يظهرون لك، فمن شأن المنافقين عدم الصراحة والصدق; فيخفي في نفسه ما لا يبديه لغيره; لأنه يرى من جبنه وخوفه أنه لو أخبر بالحق لكان فيه هلاكه، فهو يخفي الكفر والفسوق والعصيان. قوله: {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ٣ أي: في أحد، والمراد بمن "قتل": من استشهد من المسلمين في أحد; لأن عبد الله بن أبي رجع بنحو ثلث الجيش في غزوة أحد، وقال: إن محمدا يعصيني ويطيع الصغار والشبان. قوله: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} ٤ هذا رد لقولهم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا. وهذا الاحتجاج لا حقيقة له; لأنه إذا كتب القتل على أحد; لم ينفعه تحصنه في بيته، بل لا بد أن يخرج إلى مكان موته. والكتابة قسمان: ١- كتابة شرعية، وهذا لا يلزم منها وقوع المكتوب، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} ٥ وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} ٦.