للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


الْعَالَمِينَ} ١، فإذا شاء العبد شيئا وفعله; علمنا أن مشيئة الله تعالى قد سبقت تلك المشيئة.
وهؤلاء هم الذين جمعوا بين الدليل المنقول والمعقول; فأدلتهم على إثبات القدر هي أدلة المثبتين له من الجبرية، لكنهم استدلوا بها على وجه العدل والجمع بينها وبين الأدلة التي استدل بها نفاة القدر. وأدلتهم على إثبات مشيئة العبد وقدرته هي أدلة المثبتين لذلك من القدرية، لكنهم استدلوا بها على وجه العدل والجمع بينها وبين الأدلة التي استدل بها نفاة مشيئة العبد وقدرته.
وبهذا نعرف أن كلا من الجبرية والقدرية نظروا إلى النصوص بعين الأعور الذي لا يبصر إلا من جانب واحد; فهدى الله أهل السنة والجماعة لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
حكاية:
مما يحكى أن القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي دخل على الصاحب ابن عباد وكان معتزليا أيضا، وكان عنده الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، فقال عبد الجبار على الفور: سبحان من تنزه عن الفحشاء! فقال أبو إسحاق فورا: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء! فقال عبد الجبار وفهم أنه قد عرف مراده: أيريد ربنا أن يعصى؟ فقال أبو إسحاق: أيعصى ربنا قهرا؟ فقال له عبد الجبار: أرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى; أحسن إلي أم أساء؟ فقال له أبو إسحاق: إن كان منعك ما هو لك; فقد أساء، وإن كان منعك ما هو له; فيختص برحمته من يشاء. فانصرف الحاضرون وهم يقولون: والله; ليس عن هذا جواب. اهـ.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن أهل السنة والجماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>