للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

............................................................................................


النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ١ والرجوع إلى الله عز وجل من معصيته إلى طاعته لا شك أنه خير وينتج خيرا كثيرا; فألم الفقر وألم الجدب وألم المرض وألم فقد الأنفس كله ينقلب إلى لذه إذا كان يعقبه الصلاح، ولهذا قال: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وكم من أناس طغوا بكثرة المال وزادوا ونسوا الله عز وجل واشتغلوا بالمال، فإذا أصيبوا بفقر; رجعوا إلى الله، وعرفوا أنهم ضالون; فهذا الشر صار خيرا باعتبار آخر.
كذلك قطع يد السارق لا شك أنه شر عليه، لكنه خير بالنسبة له وبالنسبة لغيره، أما بالنسبة له; فلأن قطعها يسقط عنه العقوبة في الآخرة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وهو أيضا خير في غير السارق; فإن فيه ردعا لمن أراد أن يسرق، وفيه أيضا حفظ للأموال; لأن السارق إذا عرف أنه إذا سرق ستقطع يده; امتنع من السرقة، فصار في ذلك حفظ لأموال الناس، ولهذا قال بعض الزنادقة:
يد بخمس مئين عسجدا وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له ... ونستجير بمولانا من النار
لكنه أجيب في الرد عليه ردا مفحما; فقيل فيه:
قل للمعري عار أيما عاري ... جهل الفتى وهو من ثوب التقى عاري
يد بخمس مئين عسجدا وديت ... لكنها قطعت في ربع دينار
حماية النفس أغلاها وأرخصها ... حماية المال فافهم حكمة الباري

<<  <  ج: ص:  >  >>