في تركها وهي أيضا تتضمن إخراج جزء من المال لفلان أو للقربة الفلانية أو عند فلان كذا أو يفعل الوارث كذا أو يترك كذا وهذه أمور لا تصح إلا من المكلف لا من الصغير الذي لم يبلغ التكليف وهذا يكفي في الإستدلال على اشتراط التكليف من فاعلها ولا يصلح لمعارضة هذا ما أورده ابن حجر في التلخيص أن غلاما من غسان حضرته الوفاة وله عشر سنين فأوصى لبنت عم له وارث فرفعت القصة إلى عمر فأجاز وصيته وعزاه إلى مالك من حديث عمرو بن سليم الزرقي أنه قيل لعمر بن الخطاب إن ها هنا غلاما يفاعا لم يحتلم من غسان ووارثه بالشام وهو ذو مال وليس له هاهنا إلا ابنة عم له فقال عمر فليوص لها الحديث ورواه أيضا من وجه آخر وفيه أن الغلام كان ابن اثنتي عشرة سنة أو عشر سنين وقال البيهقي علق الشافعي القول بجواز وصية الصبي وتدبيره بثبوت الخبر عن عمر لأنه منقطع وعمرو بن سليم لم يدرك عمر قال ابن حجر ذكر ابن حبان في ثقاته أنه كان يوم قتل عمر جاوز الحلم وكأنه أخذ من قوله الواقدي إنه كان حين قتل عمر راهق الإحتلام انتهى.
وإنما قلنا إنه لا يعارض ما ذكرنا لأنه اجتهاد يخالف ما جرت عليه قواعد هذه الشريعة وأدلتها من اشتراط التكليف وقد أمر الله الأولياء بحفظ أموال اليتامى وقال:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء: ٦] ، وهكذا يقال فيما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الزهري أن عثمان أجاز وصية غلام ابن إحدى عشرة سنة.
وأما اشتراط الإختيار فلعدم صحة تصرف المكره لا بوصية ولا بغيرها كما تقدم.
وأما قوله:"بلفظها أو لفظ الأمر" فقد عرفناك غير مرة أن المعتبر ما يدل على المقصود ويشعر بالمراد ولو بغير لفظ فضلا عن أن يكون لفظ معين.
وأما إضافة الوصية إلى ما بعد الموت فلأجل تفرق الحال بين الوصية والوكالة.
وأما قوله:"وإن لم يذكر وصيا" فوجهه أن ذلك الذي أمره بأن يفعل بعد موته كذا قد صار وصيا بمجرد هذا الأمر كما سيأتي للمصنف في قوله ويعم وإن سمي معينا إلخ وإذا لم يقع المر لمعين كان التنفيذ واجبا علي الوارث ثم علي حكام الشريعة.
[فصل
وما نفذ في الصحة وأوائل المرض غير المخوف فمن رأس المال وإلا فمن الثلث ولا رجوع فيهما] .
قوله:"فصل: وما نفذ في الصحة وأوائل المرض غير المخوف فمن رأس المال وإلا فمن الثلث".
أقول: المال ما دام لصاحبه عين تطرف فهو ملكه وله التصرف فيه بما شاء كيف شاء لكنه لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لسعد بن أبي وقاص: "الثلث والثلث كثير - أو كبير - إنك أن تذر