وللمسلم فقط الاستقلال بإحياء أرض لم يملكها ولا تحجرها مسلم ولا تعلق بها حق وبإذن الإمام فيما لم يتعين ذو الحق فيه وإلا فالعين غالبا] .
قوله:"باب: الإحياء والتحجر فصل وللمسلم الاستقلال بإحياء أرض" الخ.
أقول: الأصل في ثبوت الإحياء وأيجابه للملك ما أخرجه أحمد "٣/٣٠٤، ٣٣٨"، وأبو داود "٣٠٧٣"، والنسائي "٣١٢٩"، والترمذي "١٣٧٩"، وصححه من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أحيا أرضا ميتة فهي له"، وفي لفظ لأحمد "٥/١٢، ٢١"، وأبي داود "٣٠٧٧"، من هذا الحديث:"من أحاط حائطا على أرض فهي له" وما أخرجه أحمد وأبو داود والطبراني والبيهقي وصححه ابن الجارود من حديث سمرة بلفظ من أحاط حائطا على أرض فهي له وما أخرج أبو داود والناسئي والترمذي عن سعيد بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق"، وقد حسنه النسائي وأعله بالإرسال ورجع الدارقطني إرساله وأخرج البخاري وغيره من حديث عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها" وأخرج أبو داود والضياء في المختارة من حديث أسمر بن مضرس قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته فقال: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له"، قال فخرج الناس يتعادون يتخاطون فهذه الأحاديث وما ورد في معناها تدل على أن من أحيا الأرض التي هي ميتة غير مملوكة لأحد فهو أحق بها وتصير ملكا له أما إذا كان قد سبق إليها أحد من المسلمين أو كانت ملكا لذمي فلا يجوز أحياؤها كما يدل عليه لفظ أحد من حديث عائشة وكما يفيده لفظ ميتة في هذه الأحاديث فأن الأرض المملوكة للذمى ليست بميتة.
وأما قوله:"من سبق إلى ما لا يسبق إليه مسلم" فهو من التنصيص على بعض أفراد العام لأنه قد انمحى عنه المعنى الاشتقاقي وصار كالجوامد وأما اشتراط أن لا يكون قد تحجرها مسلم فوجهه أنه قد صار أحق بها لسبقه إليها كما في حديث: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم" وهذا قد سبق بوضع الأعلام ونحوها.
وأما قوله:"وبإذن الإمام" فليس من الأدلة ما يدل على اشتراطه ولكن إذا كانت الأرض غير ميتة ولم يعرف من هي له صار النظر فيها إلى إمام المسلمين كسائر أموال الله فإن التصرف فيها إليه.
وأما قوله:"وإلا فالمعين" فلا دخل له في هذا الباب لأنه إذا أذن لغيره بإحياء ما هو حق له كان ذلك من باب الهبة ونحوها.