إنما تصح بين جائزى التصرف بالتراضي وهي أمانة فلا تضمن إلا لتعد كاستعمال ونحو إعارة وتحفظ فيما لا يحفظ مثلها في مثله أو معه وإيداع وسفر فلا عذر موجب فيهما ونقل لخيانة وترك التعهد والبيع لما يفسد والرد بعد الطلب وبجحدها والدلالة عليها ومتى زال التعدي في الحفظ صارت أمانة وإذا غاب مالكها بقيت حتى اليأس ثم للوارث ثم للفقراء وإن عين للتصدق بها وقتا جاز ما لم يتيقن موته وما أغفله الميت حكم بتلفه وما أجمله فدين وما عينه رد فورا وإلا ضمن كما يلقيه طائر أو ريح في ملك وإذا التبس من هي له لمن بين ثم لمن حلف ثم نصفان ويعطى الطالب حصته مما قسمته إفراز وإلا فبالحاكم والقول للوديع في ردها وعينها وتلفها وأن التالف وديعة لا قرض مطلقا ولا غصب إلا بعد أخذته وللمالك في ذلك إن جحدت فبين إلا العين وفي نفي الغلط والإذن بإعطاء الأجنبي] .
قوله:"فصل: إنما تصح بين جائزي التصرف بالتراضي".
أقول: مراده أنه لا تكون وديعة تثبت لها الأحكام التي سيذكرها إلا إذا كانت بين جائزي التصرف بالتراضي لأنه لو كان أحدهما غير جائز التصرف أو كلاهما كذلك لو يوجد حكم الوديعة لأنه إذا كان أحدهما صبيا أو مجنونا فإن كان الوديع كان المودع له واضعا ماله في مضيعة وإن كان المودع كان على الوديع أن يرد ما قبضه منه إلى وليه وإن كانا جميعا صبيين أو مجنونين كان الواجب على أوليائهما استدارك المال من أيديهما وحفظه وأما اشتراط أن يكون بالمراضاة فمعلوم أنهما لا تكون وديعة إلا بذلك وإلا كانت غصبا.