[إنما يصح عن الدم والمال عينا أو دينا إما بمنفعة كالإجارة أو بمال فإما عن دين ببعضه من جنسه كالإبراء ويصحان في الأول مؤجلين ومعجلين ومختلفين إلا عن نقد بدين وفي الثاني يمتنع كاليء بكاليء وإذا اختلفا جنسا أو تقديرا أو كان الأصل قيميا باقيا جاز التفاضل وإلا فلا]
قوله:"باب: الصلح إنما يصح عن الدم والمال".
أقول: ظاهر هذا عدم صحة الصلح عن الحقوق ولا وجه لذلك فإنها داخلة تحت عموم حديث عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما"، أخرجه أبو داود والترمذي ["١٣٥٢"ـ ابن ماجة "٢٣٥٣"] ، والحاكم وابن حبان وصححه الترمذي "٣/٦٣٥"، وهذا التصحيح من الترمذي هو مما انتقد عليه فإن في إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وقد قال الشافعي وأبو داود فيه إنه ركن من أركان الكذب واعتذر للترمذي بأنه صححه باعتبار كثرة طرقه وقد أخرجه أبو داود "٣٥٩٤"، من غير طريقه من حديث أبي هريرة وصححه ابن حبان والحاكم وحسنه الترمذي وأخرجه الحاكم من حديث أنس وأخرجه أيضا الحاكم والدارقطني من حديث عائشة وله طرق غير هذه وبعضها تقوم به الحجة في كل صلح إلا ما استثناه آخر الحديث.
وبهذا الدليل يتقرر لك صحة الصلح بالمنفعة كما تصح بالمال وبالبعض كما تصلح بالكل وبالمؤجل والمعجل وتقييد الصحة في بعض هذه الصور بقيد لا بد من قيام دليل عليه فإن لم تقم عليه دليل كان كل صلح جائزا إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا.
[فصل
وما هو كالإبراء يقيد بالشرط وصح عن المجهول بمعلوم كعن المعلوم لا العكس ولكل فيه من الورثة المصالحة عن الميت مستقلا فيرجع بما دفع ولا تعلق به الحقوق وعكسها فيما هو كالبيع ولا يصح عن حد ونسب وإنكار وتحليل محرم وعكسه] .
قوله:"فصل: وماهو كالإبراء يقيد بالشرط".
أقول: لا وجه لتخصيص هذه الصورة بجواز التقييد بالشرط بل يصح تقييد كل صلح بما شاء المتصالحان من الشروط إلا لمانع والدليل على من ادعى وجوده وتأثيره في المنع.