للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له أو العبد ولا تسقط بالبيع وهي عيب ويصح إسقاطها] .

قوله: "فصل: ويجب امتثال ما ذكره" الخ.

أقول: وجه هذا أن الميت إن كانت وصيته تتضمن تخليصه من شيء واجب عليه فقد فعل بالوصية ما يجب عليه وكان تنجيزها واجبا على وصيه أو على وارثه أو على سائر المسلمين إن لم يكن ثم وصي ولا وارث والإمام والحاكم أولى المسلمين بالقيام بذلك والإلزام به لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان الذي أوصى به الموصى من القرب التي ليست بواجبه عليه فقد فعل ذلك في ماله الذي أذن الله سبحانه له بالتصرف فيه كيف يشاء وإنفاذ ذلك واجب على الوصي أو على الوارث أو على الإمام والحاكم لأن في إهماله إهمالا لحق امرىء مسلم وهو منكر يجب إنكاره وما عرف من القصد فله حكم اللفظ إذ ليس المراد باللفظ إلا مجرد الدلالة على المعنى الذي يريده اللافظ وقد حصلت هذه الدلالة بالقصد.

وأما قوله: "ما لم يكن محظورا" فوجهه ظاهر لأن ذلك منكر وهو يجب دفعه على كل مسلم ومن دفعه ترك تنفيذه وعدم امتثال أمر الموصي بذلك.

قوله: "ويصح بين أهل الذمة" الخ.

أقول: وجه ذلك أنهم مقرون على شريعتهم فليس لنا تغييره ما فعلوه ولا التعرض لإبطاله إلا أن يترافعوا إلينا ويطلبوا منا حكم الإسلام بينهم في ذلك كان علينا الحكم بينهم بحكم الإسلام كما صرح الله سبحانه به في كتابه العزيز: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٨] ، وهكذا تصح الوصية من المسلم للذمي لعدم وجود مانع شرعي من ذلك إذا كان الذي أوصى له به مما يجوز لنا معاملة أهل الذمة به فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " في كل كبد رطبة أجر"، [البخاري "٢٣٦٣"، مسلم "٢٢٤٤"، أبو داود "٢٥٥٠"] ، وهو أيضا يشمله الإذن العام بقوله عزوجل: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} [الممتحنة: ٨] ، الآية.

قوله: "وتصح لقاتل العمد إن تأخرت".

أقول: لا وجه للتقييد بقوله إن تأخرت بل تصح مطلقا لأن المقتول تصرف بماله الذي أباح له الشرع التصرف فيه ولا مانع من ذلك وكونه قد عصى بالجناية لا يستلزم عدم الصحة الإحسان إليه بل الإحسان إليه قد يكون الثواب فيه أكثر من غيره لأنه من مقابلة الإساءة بالإحسان وهو منزلة عظيمة عند الله وقد ندب الله إلى ذلك بقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: [٣٤ – ٣٥] ، أي ما يلقى هذه الخصلة وهي الدفع بالتي هي أحسن إلا من كان كذلك نعم إذا رجع الموصي عن الوصية بعد الجناية أو عرف من قصده ما يقتضي الرجوع عن الوصية كان ذلك مبطلا لها لعدم وجود المناط الشرعي وهوالرضا وطيبة النفس.

<<  <   >  >>