وله أن يستقل بقضاء المجمع عليه والمختلف فيه بعد الحكم مطلقا وقبله حيث تيقنه والوارث صغير أو موافق وإلا فلا وللموافق المرافعة إلى المخالف وما علمه وحده قضاه سرا فإن منع أو ضمن ضمن ويعمل باجتهاده ويصح الإيصاء منه لا النصب] .
قوله:"فصل: وله أن يستقل بقضاء المجمع عليه" الخ.
أقول: وجه هذا أن الوصية من الموصي ليست بحكم على الغير يلزمه امتثاله فوصية كذلك لأنه مأمور من جهته فما كان مما لا نزاع فيه ولا خلاف ولا ضرار ولا مخالفة للشرع بوجه من الوجوه كان للوصي الإستقلال بفعله وما لم يكن كذلك لم يكن له إلا بحكم الحاكم لقطع الخلاف ودفع معرة النقض من بعد وليس كل مختلف فيه يحتاج إلى حكم الحاكم بل إذا كان مذهب الموصي والوصي هو وجوب التخلص من ذلك ولم يكن ثم منازع من وارث أو غيره كان له الإستقلال فهكذا ينبغي أن يقال وإذا كان الوارث صغيرا كان الأمر إلى وليه فإن لم يكن له ولي كان له عند بلوغه الدعوى على الوصي بماله فيه حق شرعي.
وأما كون للموافق المرافعة إلى المخالف فلا بد أن يكون على بصيرة بأن عند المخالف الصواب وبيده الحق وإن فعل ذلك كان الواجب علينا الأخذ على يده ومنعه من ذلك.
وأما قوله:"وما علمه وحده قضاه سرا" فوجهه أنه على بصيرة وقد أمره الوصي بالنيابة وأقامه مقامه فكان عليه أن يقضي ديونه الثابتة عليه بالشرع وأثبتها وأحقها بالقضاء ما كان الوصي يعلم به ويتيقنه وإذا نوزع رافع إلى الحاكم ليقطع عنه اللجج.
ولا وجه لقوله فإن منع أو ضمن ضمن بل ليس لأحد من الورثة منعه ولا تضمينه فيما هو معلوم لديه ومتيقن عنده وغاية ما يستحقه المخاصم له هو المرافعة إلى الحاكم فيحكم في ذلك بوجه الشرع ويقطع ما عرض بينهم من الخصومة.
قوله:"ويعمل باجتهاده".
أقول: إذا عرف للموصي قصد كان العمل عليه ووجب على الوصي امتثاله لأن التنجيز والتقييد هو عائد إلى أمره للوصي بالنيابة فليس له أن يفعل غير ما رسمه له الموصي إلا أن يأمره بما لا يحل فليس له الإمتثال كما تقدم ومع التباس الأمر عليه ووقوع الخلاف في الحادثة ترافع إلى حاكم الشرع فما قضى به عمل عليه وقد قدمنا ما يغني عن التكرار ها هنا.
وأما قوله:"ويصح الإيصاء منه" فوجهه أنه قد ثبت له التصرف فيما أقامه الموصي فيه مقامه فله أني جعله إلى الغير في حال حياته ويكون له بمنزلة الوكيل وله أيضا أن يوصي به بعد