زيادة غير منافية والعمل بها واجب فلا علة حينئذ للحديث ومنها ما أخرجه الدارقطني أيضا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة"، وفي إسناده مقال وفي الباب عن أنس عند ابن ماجه "٢٧١٤"، وعن جابر عند الدارقطني وعن علي عنده أيضا وإسناده ضعيف وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وقد حكى ابن حجر عن الشافعي أنه قال وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح:"لا وصية لوارث"، ويؤثرونه عمن حفظوه عنه ممن لقوه من أهل العلم فكان نقل كافة عن كافة فهو أقوى من نقل واحد انتهى.
ولا يخفاك أن هذا حكم على الحديث بأنه متواتر فلم يبق ما يوجب الإشتغال بالكلام على طرقه والعمل بالمتواتر واجب وهو ينسخ الكتاب العزيز إذا تأخر فلو قدرنا أن آية الوصية للوالدين والأقربين لم تنسخها آية المواريث لكان هذا الحديث يكفي في نسخها وقد قدمنا لك أن الإتفاق كائن على أنها منسوخة إما بآية المواريق أو بالحديث وأيضا هذا الحديث يقيد ما ورد مطلقا في القرآن لقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١١] ، وما ورد في السنة كالحديث الذي تقدم من قوله:"ما حق امرىء مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي فيه"، وهكذا يقيد قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم"، وهكذا سائرها ورد في مشروعية الوصية مطلقا فلم يبق في المقام ما يقتضي التوقف عن إبطال الوصية للوارث وقد أفردنا هذا البحث برسالة مستقلة وكتبنا فيه أبحاثا مطولة في جوابات أسئلة
وذكرت في تفسيري ما ينبغي المراجعة له.
قوله:"ومن المعدم بأن يبره الإخوان".
أقول: وجه هذا أن ذلك قد يكون منشطا لهم إلى صلته بالدعاء وغيره وأيضا إذا قد وقعت منه الوصية لحقه ما وصل به لأن الوصية سعي فيدخل تحت قوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] ، وقد وردت الأدلة الكثيرة بأنه يلحق الإنسان أنواع من القرب وإن لم يوص وقد ذكرنا هذه الأنواع التي وردت بها الأدلة في شرحنا للمنتقى فليرجع إليه.