للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القتال ويضعف عن مصابرة النزال فيسري جبنه إلى غيره وتعم بذلك البلوى ويتسلط على المسلمين الأعداء ومع هذا فقد يحمله جبنه وضعف قلبه على عدم إقامة الحدود والقصاص والتنكيل بمن سعى في الأرض فسادا وضرب أعناق من أوجب الشرع ذلك عليه وإن كانوا عددا جما فمن كان معروفا بهذه الغريزة لا يجوز لأهل الحل والعقد أن يبايعوه وإذا ابتلوا بمبايعته فلا يجوز لهم أن يتابعوه في فشله وجبنه بل يقيمونه يوقومون معه فإن قعوده عن الحرب في الوقت الذي تحق فيه الحرب يفضي بالمسلمين إلى الضرر العظيم في أبدانهم وأموالهم وحرمهم.

قوله: "لم يتقدمه مجاب".

أقول: وجه هذا أنه إذا قد تقدمه من أجابه الناس وبايعوه فالثاني باغ خارج على الإمام وقد قدمنا أنها قد تواترت الأحاديث في النهي عن الخروج على الأئمة ما لم يظهر منهم الكفر البواح أو يتركوا الصلاة فإذا لم يظهر من الإمام الأول أحد الأمرين لم يجز الخروج عليه وإن بلغ في الظلم أي مبلغ لكنه يجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بحسب الإستطاعة وتجب طاعته إلا في معصية الله سبحانه وقد ثبت في الصحيح [مسلم "٤٦/١٨٤٤"، عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بقتل الإمام الآخر الذي جاء ينازع الإمام الأول وكفى بهذا زاجرا وواعظا.

قوله: "وطريقها الدعوة".

أقول: طريقها أن يجتمع جماعة من أهل الحل والعقد فيعقدون له البيعة ويقبل ذلك سواء تقدم منه الطلب لذلك أم لا لكنه إذا تقدم منه الطلب فقد وقع النهي [البخاري "٦٦٢٢، ٦٧٢٢، ٧١٤٦، ٧١٤٧"، مسلم "١٦٥٢"] ، الثابت عنه صلى الله عليه وسلم عن طلب الإمارة فإذا بويع بعد هذا الطلب انعقدت ولايته وإن أثم بالطلب هكذا ينبغي أن يقال على مقتضى ما تدل عليه السنة المطهرة ومن طريقها أيضا أن يعهد الخليفة الأول إلى الخليفة الآخر كما وقع من أبي بكر لعمر ولم ينكر ذلك الصحابة ومن طرقها أيضا أن ينص الإمام الأول على واحد من جماعة يتوالون عليه ويبايعونه كما فعل عمر إلى أولئك النفر من الصحابة ولم ينكر ذلك عليه.

والحاصل أن المعتبر هو وقع البيعة له من أهل الحل والعقد فإنها هي الأمر الذي يجب بعده الطاعة ويثبت به الولاية وتحرم معه المخالفة وقد قامت على ذلك الأدلة وثبتت به الحجة.

قوله: "ولا يصح إمامان".

أقول: إذا كانت الإمامة الإسلامية مختصة بواحد والأمور راجعة إليه مربوطة به كما كان في أيام الصحابة والتابعين وتابعيهم فحكم الشرع في الثاني الذي جاء بعد ثبوت ولاية الأول أن يقتل إذا لم يتب عن المنازعة وأما إذا بايع كل واحد منهما جماعة في وقت واحد فليس أحدهما أولى من الآخر بل يجب على أهل الحل والعقد أن يأخذوا على أيديهما حتى يجعل الأمر في

<<  <   >  >>