للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل

وللإمام عقد الصلح لمصلحة مدة معلومة فيفي بما وضع ولو على رد من جاءنا مسلما ذكرا تخلية لا مباشرة أو بذل رهائن او أمال منا أو منهم ولا يرتهن مسلم وتملك رهائن الكفار بالنكث ويرد ما أخذ السارق وجاهل الصلح وبدي من قتل فيه ويؤذن في دارنا أنه إن تعدى السنة منع الخروج وصار ذميا فإن تعداها جاهلا خير الإمام] .

قوله: "فصل: ويجوز للإمام عقد الصلح لمصلحة" الخ.

أقول: وجه هذا أن الله سبحانه قال في كتابه: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: ٦١] ، فدل ذلك على جواز المصالحة إذا طلبها الكفار وجنحوا إليها وقيل لا يحوز ذلك لقوله سبحانه: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} ولا يخفاك أنه لا معارضة بين الآيتين فإن الآية الأولى دلت على أن الكفار إذا جنحوا للسلم جنحنا لها والآية الأخرى دلت على عدم جواز الدعاء من المسلمين إلى السلم فالجمع بينهما بأنه يجوز عقد الصلح إذا طلب ذلك الكفار ولا يجوز طلبه من المسلمين إذا كانوا واثقين بالنصر وقد أوضحنا الكلام على الآيتين في تفسيرنا فليرجع إليه وقيل لا يجوز المصالحة أصلا وأن ما ورد في جوازها منسوخ بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] ، ونحوها ولا وجه لدعوى النسخ وأيضا الجمع ممكن بأنهم يقتلون ويقاتلون ما لم يجنحوا إلى السلم.

وأما كون المدة معلومة فوجهه أنه لو كان الصلح مطلقا أو مربدا لكان ذلك مبطلا للجهاد الذي هو من أعظم فرائض الإسلام فلا بد من أن يكون مدة معلومة على ما يرى الإمام من الصلاح فإذا كان الكفار مستظهرين وأمرهم مستعلنا جاز له أن يعقده على مدة طويلة ولو فوق عشر سنين وليس في ذلك مخالفة لعقدة صلى الله عليهو آله وسلم للصلح الوقع مع قريش عشر سنين فإنه ليس في هذا ما يدل على أنه لا يجوز أن تكون المدة أكثر من عشر سنين إذا اقتضت ذلك المصلحة.

وأما قوله: "فيفي بما وضع" فهذا معلوم لا خلاف فيه والآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة في هذا المعنى أكثر من أن تحصر.

قوله: "ولو على رد من جاءنا مسلما".

أقول: وجهه ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية مع قريش فإنهم شرطوا عليه أن يرد من جاء منهم مسلما فوفى لهم بذلك ووصل إليه بعد عقد الصلح وهو في الحديبية أبو جندل وأبو بصير فردهما كما هو في الصحيح وثبت أيضا في هذا الحديث أنهم أجازوا للنبي صلى الله عليه وسلم أبا جندل فلم يرده إليهم وثبت في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد غليهم النساء لقوله عزوجل: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتجنة: ١٠] ، إلى آخر الآية وهكذا لم يرد إليهم العبيد كما أخرجه أبو داود "٢٧٠٠"،والترمذي "١٠/٢١٧، ٢١٨"، وقال حسن صحيح من حديث

<<  <   >  >>