أقول: لا وجه للحكم بكراهة ذلك حيث لم يكن مما يتحرك بتحرك المصلي فإنه منفصل عنه فلا تحريم ولا كراهة وإن كان متصلا به أو يتحرك بتحركه فلا وجه لجعله مكروها فقط على مذهب المصنف بل هو محرم ولا تجزىء الصلاة معه فعرفت بهذا أنه لا وجه لذكر هذا ولا حاجة إليه على كل تقدير.
قوله:"وفي الحمام".
أقول: قد تقدم أن الحمام أحد السبعة المواطن التي ورد النهي عن الصلاة فيها وورد أيضا ذكر الحمام في حديث آخر كما سلف فلا وجه لجعل الصلاة على القبر وفي الطريق مما لا تجزىء الصلاة فيه وجعل الحمام مما تكره الصلاة فيه فقط فإن هذا تلاعب بالأدلة على غير صواب ولم يرد ما يصرف النهي عن الصلاة في الحمام إلي مجرد الكراهة حتى يكون ذلك وجها لكلام المصنف.
وينبغي النظر فيما يصدق عليه مسمى الحمام فالظاهر أنه الذي يغتسل فيه ويوقد عليه فلا يدخل في ذلك الصلاة في مكان منفرد عنه كالمكان الذي يسميه الناس المخلع.
قوله:"وعلى اللبود ونحوها".
أقول: ليس على هذا أثارة من علم أصلا ولا يحتاج إلي التبرع بالأدلة الدالة على خلافه فإن ذلك إنما يكوى عند أن يكون في المسألة اشتباه وأما هذه فليست بهذه المنزلة وما هذه بأولة مسألة لم يدل عليها دليل ومن غرائب الأكابر من أهل العلم أنه روى ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين أنهما قالا الصلاة على الطنفسة وهي البساط الذي تحته خمل محدثة وعن جابر بن زيد أنه كان يكره الصلاة على كل شيء من الحيوان ويستحب الصلاة على كل شيء من نبات الأرض وعن عروة بن الزبير أنه كان يكره أن يسجد على شيء دون الأرض وهذه المقالة من هؤلاء لا مستند لها إلا مجرد الوسوسة والشكوك الخالية عن الدليل.
وأما الإمامية وإن كانوا ليسوا بأهل للكلام معهم فمنعوا من صحة الصلاة على ما لم يكن أصله من الأرض
قوله:"الخامس طهارة ما يباشره". الخ.
أقول: جعل المصنف رحمه الله طهارة ملبوس المصلي ومحموله شرطا مستقلا كما سبق وجعل طهارة المكان الذي يصلي فيه شرطا آخر كما هنا وجعل طهارة البدن شرطا مستقلا كما تقدم وهذا تطويل وتكثير وشغلة للحيز فإنه جعل شروط الصحة ستة ثم جعل طهارة البدن والملبوس والمكان ثلاثة منها وكان يغنيه عن هذا كله أن يقول طهارة بدن المصلى وثيابه ومكانه ويجعل ذلك شرطا واحدا.
وإذا عرفت هذا فاعلم أن الكلام هنا كالكلام على طهارة البدن والثياب فإنهم لم يستدلوا