أقول: هذا تفصيل لمفهوم قوله عدل وهو مستعنى عنه لأن إطلاق قوله عدل يخرج من لم يكن عدلا سواء كان ملتبسا بما ينافي العدالة على جهة التصريح أو على جهة التأويل.
والحق أنه لا كفر تأويل ولا فسق تأويل ولا يدل على ذلك دليل.
والكلام على المقام مبسوط في غير هذا الموضع وبهذا تعرف أنه لا حاجة إلي قوله ويكفي المغرب إلي آخر الفصل عند من لا يثبت التأويل وذلك ظاهر وأيضا لا حاجة له عند من يثبته لأنه قد أغنى عنه إطلاق العدالة فإنها لا تكون عنده إلا لمن ليس من كفار التأويل ولا من فساق التأويل فلا بد من تحقيق عدم هذا المانع من ثبوت العدالة وكون الولاية لمن لا يرى جواز تقليد فاسق التأويل هو مجرد قرينة ضعيفة ولا تثبت ملكة العدالة بمثل ذلك فلو اقتصر على قوله في هذا الفصل إنما يقلد مجتهد عدل لكان أخصر وأظهر لأن التفصيل إنما أخرج فاسق التصريح وفاسق التأويل والعدالة تنتفي بمجرد ارتكاب محرم وإن لم يبلغ بصاحبه إلي الفسق بالمعنيين.
وفي هذا الفصل ابحاث في ضوء النهار إذا تأملت ما ذكرناه هنا عرفت الجواب عنها.
[فصل وكل مجتهد مصيب في الأصح والحي أولى من الميت والأعلم من الأورع والأئمة المشهورون من أهل البيت أولى من غيرهم لتواتر صحة اعتقادهم وتنزههم عما رواه البويطي وغيره عن غيرهم من إيجاب القدرة وتجويز الرؤية وغيرهما ولخبري السفينة وإني تارك فيكم] [مسلم "٢٤٠٨"] .
قوله:"فصل: وكل مجتهد مصيب".
أقول: اعلم أن الخلاف في هذه المسألة تختص بالمسائل الشرعية لا العقلية فلا مدخل لها في هذا وقد ذهب الجمهور ومنهم الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني ومن المعتزلة أبو الهذيل وأبو علي وأبو هاشم وأتباعهم إلي أن المسائل الشرعية تنقسم إلي قسمين الأول منها قطعيا معلوما بالضرورة أنه من الدين كوجوب الصلوات الخمس وصوم رمضان وتحريم الزنا والخمر فليس كل مجتهد فيها مصيبا بل الحق فيها واحد فالموافق له مصيب والمخطىء غير معذور بل آثم.
وإن كان فيها دليل قاطع وليست من الضروريات الشرعية فقيل مخطىء آثم وقيل مخطىء غير آثم.
القسم الثاني المسائل الشرعية التي لا قاطع فيها فذهب كثيرون إلي أن كل مجتهد مصيب وحكاه المأوردي والروياني عن الأكثرين وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي وأكثر